العلم والأخلاق ...أيّة علاقة .. عبد الرزاق بلعقروز
إن السّمات الأساسية التي
ميّزت الحقبة الأولى؛ يمكن اختصارها في
بناء شرائط البرهان العلمي، بمعزل عن الاعتبارات الأخلاقية، فقواعد المنهج
عند ديكارت الشّهيرة، لا أثر فيها للاعتبارات الأخلاقية، فهناك : التَّحليل و الترَّكيب
والإحصاء و المراجعة، وهي خطوات علمية منهجية إجرائية باردة، ولذا، فإنّ الملامح الجوهرية
لهذا النموذج الإرشادي الذي يفصل بين
العلمي والأخلاقي تظهر في : الحياد القيمي/الإثبات التّجريبي/ الصياغة الرياضية/
العملية و القابلية للتّطبيق/ فهذه المصفوفة من الشُّروط، تُعدُّ هي الجهاز
النّظري للبحث؛ وهي النّموذج الذي يُؤطر المعرفة العلمية، ولقد أسهم هذا
النموذج تطوير منظومة العلوم الكمية، لكنّه
من وجه آخر، أسهم في إضعاف الأبعاد
الأخلاقية، ليس فقط بأن نفى عنها صفة العلمية، وإنّما اعتبر أن موضوعات الإنسان
التي تمتاز بالفَرادة، يجب أن تخضع لهذا الإطار المنهجي في التّحليل وفي التّفسير.
فكانت حركة المعرفة هنا، أحادية اختزالية . لكن مع أزمة الأسس في العلم وانكشاف
المعرفة العلمية، بوصفها خيارات ظرفية، تسكن في نماذج معرفية مخصوصة، لها تاريخ
صلاحية، ولها تحيُّزها وأدواتها، فيما بات يعرف ببنية الثَورات العلمية، استعادت
الأخلاق قيمتها، بحيث لم تصبح فقط عنصرا ضمن بنية التَفكير الجديدة، وإنما هي
المعايير التي تتقوّم بها الفاعليات
العلمية، ليس في نسقها المفهومي، وإنما في علاقتها بالحياة وبالمعنى وبحاجات الإنسان، لأجل ذلك،
باتت السّمات الجوهرية للتَّفكير العلمي الجديد، إنّما تمتاز بما يلي : الاقتراب
الكيفي ، ربط المعرفة بالقيمة، الوعي بالغائية، الطاّبع البنيوي للأخلاق في العلم
، البناء التركيبي و لتّكاملي، وهنا تجدّدت مبادئ أخرى في العلم و الأخلاق تحت
مفاهيم منها : مقولة الفهم في مقابل التّفسير عند فلهلم دلتاي، الفكر المعقد كرهان
للمعرفة العلمية لدى إدغار موران، رذائل
المعرفة مع باسكال إنجل أو الطّبيعانية اللّيبرالية عند هيلاري بوتنام في مقابل
الطّبيعانية الاختزالية .
إن الصلة الحديثة بين
المعرفة والأخلاق، أو بين الواقعة و القيمة، تعرف أجلى مظهر لها في أخلاقيات البيولوجيا، البيو إيتيقا وأخلاقيات
البيئة " الإيكوصوفيا "، فإعادة التّفكير في الأخلاق
هو من أجل جبر التصدعات ُ التي
تسببت فيها العقلية العلمية الكمية الحيادية والاختزالية، وكذا من أجل الوعي بالدّور
العلاجي للأخلاق واستثباتها في الوعي الإنساني. ويمكن القول أن الكلمات الجديدة
التي تظهر فيها الصّلة التّرابطية بين العلم والأخلاق كالقول بالعقلانية التركيبية
أو الطّبيعانية الليبرالية أو أخلاق المعرفة، تلخصها لنا عبارة ابن عربي : المعرفة
التي لا تتنوّع مع الأنفاس معرفة لا يعوّل عليها ، أي العلم الذي لا يتفاعل مع
الوجدان والروح والقيمة هو علم محدود وغير ملائم لحاجات الإنسان العميقة والسَّطحية
على حد سواء .
بوركت ودام تميزك الطيب العلم والاخلاقمتكاملان وان لم يتوج هذا العامل والشرط كلاهما لايخدم الاخر وعالمنا الراهن الان يعرف الماسي وكوارث لاغنى عنها والامثلة كثيرة...
ردحذفشكرا لك على حروفك واضافتك المفيدة
حذف