تلخيص الفصل الأول من كتاب الاتصاف بالتفلسف لعبد الرزاق بلعقروز هاجر فرزولي

جاء كتاب الاتصاف بالتفلسف للكاتب الدكتور عبد الرزاق بلعقروز ضمن اصدارات مركز نهوض للدراسات والبحوث ،كمحاولة إلى المساهمة في تطوير الخطاب الفكري والثقافي، مبينا أن غرض هذا الكتاب إنما يتقصد دمج المعاني الروحية والأدوات العلمية في صلب التربية الفكرية وفلسفة الفعل وأخلاق التعارف وسبل الانعتاق من أخلاق ما بعد الأخلاق، فهذا الكتاب يتنزل ضمن مطالب العقل العملي المعاصر، وفي صلب المسار العام لما بات يعرف "بالعلاج بالتفلسف".

وقد حوى بين طياته ثلاثة أبواب، أما الباب الأول الذي عنونه ب"التربية الفكرية ومنهج التفلسف :من الاستعمال إلى المران والدربة" فقد كان في  فصلين مهمين ،وبلغة العارف ونظرة الفيلسوف الثاقبة عالج الباحث في الفصل الأول معوقات التربية الفكرية وسبل التغلب عليها.

  حيث أحصى ثلاث معوقات كانت في رأيه هي حجب العطالة عن العقل والفكر، وهي كالآتي:

1-أمراض النفس: وهي تغلب الطاقة الحيوية على الإنسان أو تحكم قوى الطبع الإنساني ،فهي تصرف النفس عن رؤية الحقيقة .

2- التطبع الثقافي و الصناعي:فالثقافة تطبع الوعي والسلوك بطابعها الخاص .

3- أمراض التفكير:  والتي أحصاها الكاتب في أربعة أنواع :

أ-التفكير التجزيئي: وهو الذي يخضع ظواهر الواقع المركبة إلى عامل واحد .

ب-التفكير الساكن:  الذي يكون مستنبطا من الذات العارفة فقط ،ولا يتعدى جهدها مكابدة حركة الإنسان في الواقع المعيش .

ج-التفكير التقابلي: ومعناه توجيه الوعي إلى المقابلة بالضد، فهو ينفي من يفكر أمامه عن طريق رؤيته بالصورة المقلوبة، ويشوش على الوعي الكلي والتفكير المنفتح.

د-التفكير الإنابي: وهو التوهم بجاهزية الأفكار والإجابات عن أسئلة زماننا المعقد، وأن الشخصية المرجعية –العالم ،المتخصص...- هي من تنوب عنا في التفكير ورسم سبل الإصلاح. فهو لا يبحث إلا في أفكار الأشخاص أو البرامج الجاهزة من غير تحريك القدرة على المبادرة التي عمادها النظري الاجتهاد الفكري.

    وللخروج من هاته الأسقام رصد الكاتب مجموعة أساليب للتحرر من هذه الحجب والأغشية وهي كالآتي :

1-أخلاق الروح لعلاج أمراض النفس: فالتخلق بأخلاق الروح يفجر مكنونات العقل والعلم والفكر،ويثور مكامنها ويستخرج منها أعمق ما فيها، وتطهير النفس في رأيه هو المقدمة المنهجية للتفكير الذي هو عمل العقل و ثمرته، وهذا يكون ب:

أ-تعليم تربية النفس: والتعليم يكون بتربية النفس ومعالجتها من أمراضها التي تعوق الفعل التربوي الفكري.

ب-تعليم اليقظة: فهي متى حصلت أورثت في القلب إرادة السير نحو التربية الفكرية.

ج- تعليم العزم والفكرة :فلا بد من إرادة مؤكدة للشروع في السفر الفكري.

2- التجارة الفكرية واستمطار الفكر الطبيعي للتحرر من التطبع الثقافي والصناعي:

فالتطبع الثقافي في رأيه  يسكن حركة الفكر ضمن قوالب فكرية تعكس اجتهادات مخصوصة وسياقات مُحايثة ،ولأجل التصدي للإكراهات التي يتركها التطبع الثقافي ،أكد بأنه لابد  من تنفيذ الأعمال التالية :

 أ-تجارة الأفكار: الحوار الثقافي وتبادل المعلومات وجدال الاتجاهات في شكل تجارة فكرية تبادلية تواصلية للمعلومات والأفكار والآراء والنظريات.

ب-الحوارية الحرارية: تنمو التربية الفكرية وتتكوثر عندما تكون هناك حرارة حوارية وغليانات ثقافية.

        ج-الخلوص إلى مواقع الفكر الطبيعي: فحركة الفكر عندما يستشكل                         عليها الأمر، يكون بدؤها الإقبال على الفكر الطبيعي والاستمطار لرحمة الله.

     3-التمييز من أجل التكامل لعلاج أمراض التفكير:

   فالتربية الفكرية كي تميط عنها موانع التفكير لا بد لها أن تدرب المتلقي على         إحكام القدرات التالية:

أ-تعليم التجزئة من أجل التكامل: واقترح لهذا قواعد المنهج الديكارتي الأربعة: قاعدة الوجاهة أو الملاءمة، قاعدة الإجمالية، قاعدة الغائية، قاعدة الدمجانية.

 ب-تعليم الاشتباك مع الحركة:

فالتربية الفكرية تتلاحم دوما مع حركة الواقع والتاريخ.

ج-تعليم الاجتهاد الفكري:

فمن الواجب على التربية الفكرية أن تعلم قيمة الاجتهاد الفكري وإبداء الرأي والتحاور، لشحذ العقول وتمرينها على أن تفكر بعقلية راشدة متحررة من الآراء التاريخية النسبية ، وجريئة في استعمال فكرها بحرية ومسؤولية.

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تحسين التَّقبيح وتقبيح الحسن : حول صناعة المحتويات السَّافلة

في سؤال التغيير عبد الرزاق بلعقروز

التَّجربة و الآفاق الإدراكية الواسعة ..... عبد الرزاق بلعقروز