الثقافة هي رحيق المجتمع وعُنوان التَّاريخ، حواري مع جريدة مراصد الديوان، كيف رأيت الـمَشهد الثّقافيّ في الجزائر عام 2016 وكيف تراه عام 2017؟
الثقافة هي رحيق المجتمع وعُنوان التَّاريخ، والصُّورة المتجلّية للذّات في مستوياتها العميقة، لذا فإن قيمة المجتمع من قيمة مستوى الوعي الثقافي و الإنتاج المعرفي النَّابع منه، وتُعدُّ الجزائر حاليا، في طليعة من يجتهد من أجل تفعيل الثقافة وبث روح المعرفة ونشرها على مستوى أبعد، بخاصة على مستوى الفضاء العام، الذي أضحى يُشَكّلُ بنية خاصة من الاهتمامات و المشارب، فضاء يتكوَّن من الجمعيات الثقافية ودور النَّشر الجديدة، وفئات من الشَّباب التي تلتهب من أجل القراءة ونشر المعرفة، لمن امتلك القدرة على الكتابة، وشكَّل رصيدا فكريا متينا، إنَّ المشهد الثقافي الجزائري تمظهر في الفضاء العام، واستطاع أن يحقق قفزة نوعية شكَّلت تراكما فكريا وفنيا وإبداعيا، يحتاج إلى مجاهدة فكرية فوقها، كي يُحَصّلَ القدرة على إبداع المفاهيم، وإبداع الأفكار، وإبداع الفنون، بمعنى أن المشهد الثقافي في الألفية القادمة، يجب أن يكون عنوانه الفني هو الإبداع، وليس التّكرار والإتباع.
وتحقيق
هذا المبتغى، متوقف حصوله على ضرورة الوفاء بشرائط تُعَدُّ بمثابة شروط إمكان نجاح
الفعل الثقافي مستقبلا، أو ما يمكن أن نسميه " أوامر لسياسة ثقافية مستقبلية
:
v
مواكبة الأسئلة الفكرية
الراهنة : وهذا الأمر هدفه الاستفادة من الإنتاجات العلمية الرّاهنة، التي
تتواجد في الفضاء العلمي المعاصر، وتطوير منهج في كيفية الاستفادة منها، بمعنى أن
المواكبة لا تعني الانصهار في الثقافة الكونية، و إنّما الوصل بين الخصوصي الثقافي
(الفكري، والفَني، والاجتماعي)، وبين الكوني المتداول .
v
استثمار الثقافة
الجزائرية من أجل الإسهام في الإبداع: إن استثمار ثقافتنا الفكرية والفنية
والتاريخية و أعلامنا في الفكر و العلوم، لخليق بأن يكون حافزا قويا، لأجل إنجاز
الإبداعية الثقافية النّوعية، فالجزائر تمتلك مخزونا ثقافيا، وإرثا حضاريا، علينا
يقع واجب إخراجه والترويج له . وهذا كله يخدم العودة إلى الأصول بدلا من تلاشي
الهويات.
v
خلق التَّضامن الثَّقافي
بدلا من التشرذم : التضامن الثقافي يُعَدُّ هو النَّسغ الذي تتحرّك بموجبه الكُتَلُ
الثقافية، التي تشتغل في فضاء التنوع والاختلاف، وهذا كله درءا لشبهة انحصار
الثقافة في فئة دون أخرى، إن التَّضامن الثقافي هو روح التجدُّد و أداة النُّهوض
ومحور الحركة التاريخية. والتَّضامن يكون بين مؤسسات الفضاء العام أولا، ومؤسسات
الدولة الرسمية أيضا، فهي تحتاج إلى أن تتزود بالمبدعين من الفضاء العام، لأنها
الهيكلية الحاضنة للجهود الثقافية والأداة التي تؤسس للفعل الثقافي التَّضامني. فضلا
عن أنّها دعامة مؤسساتية داعمة للفعل الثقافي وراغبة في الإرتقاء به .
v
الاحتفاء
الواسع بالفعاليات الثقافية : يشكل معرض الكتاب في الجزائر، في طباعاته
المتعددة، النموذج القياسي في الإقبال على الكتاب، وفي لقاء الجزائريين بالمعرفة ،
و رغم تواجد النصوص في شبكات الإنترنيت، إلاّ أن معرض الكتاب الجزائري يشكل فعالية
ثقافية نوعية، حقيقُ علينا الاحتفاء بها، وتوجيه قلوب الناس نحوها، وأن يتم جعلها
لحظة فارقة في الثقافة الجزائرية، وغيرها من الفعاليات الثقافية الحاملة لهم
الثقافة، والمفعّلة لقيمة السياحة في الجزائر.
تعليقات
إرسال تعليق