في سؤال التغيير عبد الرزاق بلعقروز

" من كان مرباه بالعسف والقهر ... سطا به القهر وضيَّق على النفس في انبساطها، وذهب بنشاطها ودعاه إلى الكسل وحمل على الكذب والخبث، وهو التظاهر بغير ما في ضميره، خوفاً من انبساط الأيدي بالقهر عليه، ...وفسدت معاني الإنسانية التي له من حيث الاجتماع والتمدن" ابن خلدون نظرا للأزمات السياسية الكثيفة في سياقاتنا؛ فإنَّ التغيير أصبح لا يُفهم إلا بكونه تغييرا سياسيا، تترسَّم خطواته في تغيير نظام الحكم، بالطرق المشروعة، لأجل ميلاد نظام سياسي جديد، يكون أكثر رشادة وحَكَامَة، لكنَّ هذا الإقرار على شهرته، ينسى بأنَّ الفعل السياسي ما هو إلاَّ فرع للأخلاق، فالسؤال الذي طرحه أرسطو : كيف يجب أن أعيش أو السؤال الكانطي : ماذا يجب علي أن أعمل؟ يستغرق الفعل السياسي، الذي بات تسكنه مفارقة غريبة : كيف أنَّه فرع من فروع الأخلاق وفي الآن نفسه يجنح إلى الخروج عن أوامرها وتعاليمها؟ لذا، فإننا نقر مع حنا أرندت، بأنَّ الثورة ليست مجرد عملية تغيير، يتم بمقتضاها قلب نظام الحكم السياسي، الثورة التي تحدث ينبغي أن تثمر ميلاد قيم جديدة تصبح سلوكا مرئيا في الفضاء العام، مثل الثورة الأمريكية التي أتت معها بقيمة...