.الكتاب إرشاد للعقول التّائهة و علاج للأنفس التّالفة.. عبد الرزاق بلعقروز

ليست القراءة في الكُتب مجرَّد استجلاءِ للمعاني الفكرية أو استقصاءا للحقائق الواقعية، إنّها تخط فينا طبيعة رؤيتنا إلى العالم وكيفية الفعل فيه، فالحضارات القائمة والحضارات المندثرة بدأت سفرها في الوجود انطلاقا من الكتاب، فدوما هناك الإقرار الخالد : في البدء كان الكلمة. إنَّ الكتاب ليس هو تلك التَّوليفات الورقية أو الرُّموز المرسومة، إنه يحمل روحا لطيفة وقُدرة نافذة تخترق قلب الإنسان؛ فتحوله إلى شخص ذي مبدأ ورسالة في الحياة. إنَّ الكتاب يُغَير القارئ أوَّلا، ويخلق في وعيه حرارة المعرفة، ويَدفع به إلى الفعل و الأثر في الواقع ثانيا، وكم يقُصُّ علينا التَّاريخ نماذج حضارية وإنسانية؛ كان الكتاب هو الأثر الحاسم في تغييرها، فميلاد الأديان ارتبط دوما بالكُتب، التَّوراة في اليَهودية والإنجيل في المسيحية والقرآن في الإسلام، وفي التراث الفكري كانت الكتب دوما عوامل تغيير ووسائل ناجعة لاستخراج الكنوز الدّفينة من ذات الإنسان، وبواعث معينة على استكداد الفكر واستثبات ّالسلوك على قيم التعلُّم؛ فالكتاب في الأصل هو من يقرؤنا ويعيد تجديد حياتنا، ولسنا نحن من نقرأه، إن القارئ الحقيقي هو الكتاب، و...