دروس في فلسفة الدين ... الدرس 3 ... بلعقروز عبد الرزاق..

وإذْ بانت العلاقة الوثيقة بين المعالم الإلهية والأفكار الفلسفية، في مُركَّب هو الحكمة، فإنَّه يجَدر بنا الإتيان بشواهد فلسفية تنتمي إلى التَّفكير الفلسفي الحديث، ولن نحرم أنفسنا من متعة الاستشهاد بفقرات من نصوص" فريدريش هيجل "، الذي خصَّص دروسا عديدة عن الدين، حيث قدَّم بعضها سنة 1821 وأخرى في سنة 1827، وآخرها سنة وفاته 1831. وكسُؤال إلى هيجل عن علاقة الدّين بأنظمة العالم يجيبنا ودور الفلسفة بينهما قائلا " إن مطلوبنا من الفلسفة ليس أن تجعل الدّين موضوع بحث لها، بل المطلوب منها هو بالأحرى أن تجعله أساسا مفروضا في كل شيء. فالدّين ينبغي أن يكون، بمقتضى جوهره، مالا يمكن لأيّ أمر جديد في حياة الإنسان أن يحصل من دونه" [1] . إذن، فالفلسفة هنا باتت في اتجاه تحليلي وإلباسي، أي تُلْبِسْ كلَّ العالم وظواهره اللّباس الدّيني، أو أنّ هيجل ينقل نظام الاعتقاد الدّيني إلى نظام فكري، أو يحوّل المعاني الإيمانية إلى أدوات تحليلة ومقولات فكرية؛ لكنه ليس أيّ لباس ديني، وإنّما الدّيني المسيحي بشكل خاص، لأنها الدّيانة التي نشأ عليها هيجل واعتنق مبادئها وحوَّلها إلى حركة فكرية وأداة منهج...