المشاركات

عرض المشاركات من مارس, 2016

نحو حرارة ثقافية-فكرية الدكتور عبد الرزاق بلعقروز جامعة سطيف2 سطيف

صورة
لاشك بأن الصّلة الموجودة بين الثقافة والفكر والمعرفة صلة حيوية، فالفكر يتأثر بالثّقافة كما يتأثر الإنسان بخصائصه الجينية البيولوجية، وقد ميّز أهل الفكر دوما بين الأفكار الطبيعية والأفكار الصّناعية، وقصدوا بالأولى ما يتشرَّبُه الفرد من الحاسوب الثقافي الكبير، أي من محيطه الثَّقافي الأصلي؛ وقصدوا بالثانية أي الصناعية، التصرُّف في هذه الأفكار الطَّبيعية الأصلية؛ بلغة علمية وتقنية اصطلاحية خاصة، وكأن الأفكار الطبيعية أفكارا للجمهور، والأفكار الصّناعية أفكارا للنّخبة، والفرق بينهما ليس فرقا نوعيا، وإنما هو فرق في اللُّغة التي تَسْتَخْدمها النّخبة من خلال اصطلاحاتها وأشكال تواصلها؛وابن خلدون في مقدّمته لفت انتباهنا؛ إلى أن المنطق الذي يتداوله المناطقة "علماء المنطق" بقوانيه ومصطلحاته، ما هو إلاّ تصرُّف في أفعال الفكر الأصلية؛ "فالمنطق أمر صناعي مُساوق للطّبيعة الفكرية ومنطبق على صورة فعلها" (ابن خلدون،). وتواصلا مع هذه اللُّمع الفكرية في تكامل المجال الأصلي بالمجال الفكري، فإنّ تفعيل التّفكير في ثقافتنا أي في المجال الأصلي للثقافة، يُنْتِج تلك الثنائية التي يؤثّر أحده...

ظلامية المفاهيم التي تدّعي تفسير كل شيء ...د عبد الرزاق بلعقروز

صورة
سَأُفْصِحُ بدءا، في هذه المقالة عن أنّني اسْتَعَرْتُ هذا العنوان بالتَّصرُّفِ من أفكار الفيلسوف و عالم الاجتماع الفرنسي المعاصر إدغار موران، في سياق نقده لما سماَّه بالمعرفة المعلولة، ويَقْصِدُ بها؛ تلك المعرفة التي تجزّئُ العُلوم والحياة أوتُقَطّعُها قِطعا قِطعا، حيث تتبدّىَ مَفْصُولة عن بعضها، وممتنعة عن التَّواصل فيما بينها، وكلُّ علم من العلوم، أو نموذج من  نماذج الحياةـ، يُقَدّمُ ذاته، على أنّه يمتلك الكَفاءة التّفسيرية للكون أو للحياة؛ فعلم النَّفس لا يرى من الحياة إلا منظومة من الدَّوافع البيولوجية اللاّشعوية للفرد والمجتمع، وعلم الاجتماع يَرتكز على قوة السُّلوك الإجتماعي في عَجْنِه للذّوات الفردية التي تنتمي إلى فضائه، والعلوم الأخلاقية، تُبْصِرُ في السُّلوكات الحيّة، نماذج أخلاقية تُوجّهُها قيم الفضيلة نحو الخير، أو تأخذ بها قيم الرَّذيلة نحو الشّر؛ والعلوم البيولوجية تقرأ في الإنسان كائنا حيَّا، يمتلك شَبَكَة وِراثية ذاتية، وخاضِعُ لحتمية بيولوجية ميكانيكية لا تعرف بالتّلقائية أو العفوية. ونفس السّياق الوصفي، ينطبق كذلك على المعارف الإنسانية برمّتها، التي يمكن أن نُش...

لَدْغَةُ الأنْوار

صورة
   من المعلوم في تاريخ الفِكر الإنساني أن حقبة الأنوار تَعَدُّ حقبة اعتزاز بالذّات، وحقبة وعي الإنسان الغربي بنفسه، من أنه قادر على إدارة شأنه الذَّاتي والخارجي بكل ثقة وإتقان، ولاحاجة له، إلى أيّة مُنطلقات معرفية تتعالى على العقل الإنساني، أو تنفلت من دائرته التّفسيرية، وتعد العبارة الكانطية الشهيرة "أجرؤ على استخدام فكرك الخاص"، شهادة ميلاد وإشهاد على أن الإنسانية بلغت مرحلة النّضج، في مسيرتها نحو الأفضل والأسعد. إن عبارة الفيلسوف الألماني كانط، ونصه الشَّهير حول : ما الأنوار؟، تعبير عن صيغة من الصيغ التي يُدَبّر بها الإنسان الحداثي ذاته؛ لتتلو بعد هذه الخُطاطة، قيمُ أخرى، في طليعتها؛ الغائية الإنسانية، والإستقلال، والكونية ، باعتبارها مُحدّدات أنطولوجية لقيم التنوير الفلسفي ونظريات التقدّم الحضاري، فالغائية الإنسانية تعني سلوكا أخلاقيا تجاه الإنسان أثناء التَّواصل الإجتماعي معه، بوصفه غاية في حد ذاته، وليس وسيلة إلى غاية أخرى، قد تكون نفعية، فلا يمكن للشَّيء أن يعوّض قيمة الإنسان مهما كان مأتاه، أما الاستقلال ، فيعني زوال التَّفسيرات الغيْبية من دائرة الفهم للوجود ...